إنت فاكرني هندي؟!!
حلقة جدية من سلسلة طويلة نتحدث فيها عن نموذج سيء لشخصية تعيش بيننا وتتجسد فيها آفة الازدواجية العربية المعروفة،ولفتنا الانتباه إلى أن هذا النموذج الخطير يتخذ من المنتديات النافعة على الانترنت منبراً لممارسة هواياته الصبيانية في الإيقاع بالفتيات في علاقات غير مشروعة-يسميها هو علاقات فضائية- ويُضيع معهن ساعات طوال أسرته أولى بها منهن،وقلنا أنه بمثابة حسام أو سيف في يد الشيطان يضرب به العفة والالتزام عند بناتنا غبر علاقات غير مشروعة تبدأ عبر الإنترنت،وما تلبث أن تتطور هذه العلاقات الشاذة إلى نتائج لا تحمد عقباها تكون ضحيتها فتاة ساذجة حمقاء غرّها بهرج كلامه الخدّاع وخدماته التي تبدو وكأنها بدون مقابل وحيله الماكرة التي أتقنها جيداً حتى صار متمرساً فيها أو قل متمترساً خلفها.
صديقي الهندي "رافيتشاندران" ذكر لي أن لديهم نسخة هندية من حسام الشيطان مع بعض أوجه الاختلاف بين حسام الشيطان الهندي ومثيله العربي،وسنتطرق هذه المرة إلى أحد أهم أوجه الاختلاف بينهما وانعكاس ذلك على الاختلاف بين الهند وعالمنا العربي،فقد أشار صديقي الهندي إلى نقطة الاختلاف الهامة هذه عندما قال إن آفة الازدواجية غير موجودة تقريباً في النموذج الهندي وتساءل بغرابة ما الذي يجبر حسام الشيطان العربي على أن يعيش بشخصيتين متناقضتين،واحدة أمام الناس وأخرى عندما يخلو بنفسه المريضة،حيث أنها معاناة نفسية له بالدرجة الأولى، وقال إن النموذج الهندي الذي يهوى إقامة علاقات مع الفتيات عبر الإنترنت والتطور فيها إلى مراحل أخرى هو موجود بالفعل لكن ليس هناك ما يجبره على أن يعلن عكس ما يسعى إليه،فالنموذج الهندي –والكلام لصديقي- لا يعلن على الملأ تمسكه بالفضيلة والمثل العليا والعمل على نهضة الأمة ويسعى جاهداً إلى محاربة جرم هو مقترفه مثلما يفعل النموذج العربي الذي تشيبه للأسف هذه الازدواجية والتناقض الذي بالتأكيد ينغص عليه حياته،ورغم ما به من أمراض نفسية وأخلاقية عديدة إلا أنه لا يعجبه شيء إلا ذاته حتى وإن تظاهر بخلاف ذلك،ففي مواقف معينة تظهر لنا آفات هذه الشخصية العجيبة التي لا يعجبها العجب وإليكم هذه الحكاية.
في متجر للملابس بالدوحة تابعت من بعيد مشادة بين البائع الهندي وشاب مصري ممتلئ الجسم لم يعجبه السعر فرد على البائع الهندي بغضب قائلاً: "إيه؟إنت فاكرني هندي؟!"، وقد تابعت هذا الموقف من بعيد ولم تعجبني أبداً هذه الكلمة التي تنضح منها نظرة عنصرية بغيضة تجاه الهنود ولهذا لم أستطع أن أمنع نفسي من أن أرد على هذا الشاب قائلاً "يكفي أنهم في الهند يختارون حكامهم" ثم انصرفت لأنه لم يكن لدي وقت أو قل آثرت الانسحاب التكتيكي من الموقف خاصة أن صاحبنا هذا كما قلت قد رزقه الله في الجسم بسطة وهذا معناه أنه لو حدث اشتباك –لا قدر الله- فسيسقط محدثكم بالضربة القاضية وسيحل ضيفاً على مستشفى حمد العام.
وددت أن أقول لأخينا "العملاق" أن الهند التي لا تعجبه هي أكبر ديموقراطية في العالم ويكفي أن يعلم أن من يجلس على رأس هرم السلطة فيها هو من الأقلية السيخ وهو رئيس الوزراء "منموهان سينج" الذي لم يصل إلى الحكم بانقلاب عسكري أو عبر تزوير إرادة الناخبين أو تعديل الدستور كما يفعل غيره في محيطنا العربي، كما أنه وفي حدود علمي لا يقوم بإعداد ابنه لكي يخلفه على عرش جمهورية الهند ولا يتستر على المفسدين وأصحاب عبّارات الموت التي تشحن الناس إلى الدار الآخرة ولا على تجار المبيدات المسرطنة والدم الفاسد كما يفعل غيره، علاوة على أن أهل الهند لا يعانون من العطش مثلما يعاني مَنْ يجري على أرضهم أطول أنهار العالم،كما أن الناس في الهند لا يقفون في طوابير طويلة حاملين "الجراكن" في انتظار توزيع المياه مثلما يفعل الآن أهالي القرى التي ينحدر منها هذا النموذج السيئ وغيره.
أذكر أن الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه السنوي عن حالة الإتحاد في 31 يناير 2006 تحدث عن الهند كقوة اقتصادية منافسة للولايات المتحدة قائلاً:"اقتصادنا في الطليعة ولكننا لا نستطيع تحمل تبعات الرضا عما حققناه، ففي الاقتصاد العالمي المتغير نرى أن هناك منافسين جدد مثل الصين والهند".
بعدها بشهر تقريباً قام الرئيس بوش بزيارة إلى الهند ظهر خلالها الفرق واضحاً بين من يتلقى أوامر واشنطن راكعاً مستسلماً ومن يتعامل معها الند بالند رافضاً أية إملاءات أو أية غطرسة في التعامل، وقد تمخضت المفاوضات الصعبة عن توقيع اتفاقية نووية وصفتها وزيرة الخارجية الأمريكية في مقال لها بصحيفة واشنطن بوست في 13 مارس 2006 حمل عنوان "فرصـنا مع الهنـد" بأنها اتفاقية تاريخية،وقد تم التصديق النهائي عليها منذ أيام.
هذه الشخصية العربية العجيبة –حسام الشيطان- وبعد أن أحاطت نفسها بهالة من الاحترام المزيف بمساعدة حملة المباخر من المنافقين والمنافقات وما أكثرهم؛ لا ترى إلا نفسها وتظن أن لا أحد يعلم ما تقترفه من أفعال تتناقض مع ما تدعيه في العلن فينظر للآخرين بدونية كما فعل صاحبنا العملاق الذي لا يعجبه من هو أكثر فائدة منه،والغريب أن هذا النموذج المدمر ينادي في البرية ليل نهار ويدعو إلى نهضة الأمة وانتشالها من كبوتها ويوحي للواهمين أنه ترس في محرك نهضتها بينما هو في الحقيقة بمثابة كيس من الرمل يغل أقدامها ويعوق أي نهضة ويعرقل أي تقدم..إلهي يحمّوك في كنكة يا بعيد!
رابط المقال بجريدة الراية القطرية