Sunday, July 30, 2006

أيها المُغامر..نحن معك

جاهلية الموقف الرسمي العربي، هذا باختصار هو ما يوصف به موقف الحكومات العربية تجاه الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان العربية، أصف الموقف بالجاهلية لأنه بالفعل ينطلق من خلفية مقيتة تعود بنا إلى عصر الجاهلية الأولى وتعيد بثّ الفرقة بين المسلمين في وقت يستدعي التوحد ونبذ الفرقة أكثر من أي وقت مضى.

هذه السُنّة السيئة التي تبنت هذا الموقف ذو الخلفية الطائفية سنتها حكومة السعودية في إشارة ضمنية ثم أصبحت صريحة مفادها أن حزب الله شيعي ولا يجوز أن ندعمه أو نقف بجانبه أو نقاتل تحت رايته!

وبمجرد أن يتلفظ أحد المسؤولين العرب بكلمة أو يتخذ موقفاً ما نلبث إلا أن نجد زمرة المطبلين والمهللين والمؤيدين لهذا الموقف حتى وإن كان رأياً يتبنى موقف الأعداء، وهذا ما رأيناه في فتاوى بعض العلماء في المملكة تدعو إلى عدم جواز دعم حزب الله أو حتى الدعاء له بالنصر وبلغ هذا العداء مداه لدرجة أن أحد هؤلاء "العلماء" قالها صراحة أنه يتمنى هزيمة حزب الله في حربه ضد اليهود!

ولكن كعادته دائماً –بارك الله فيه وأدام لنا في عمره- جاءنا الموقف الحازم من فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي ليقشع الغمة ويزيح الغمة ويُطمئن من كان لديه أدنى شك في جواز دعم حزب الله، فقال أنه يتوجب على جميع المسلمين دعم حزب الله الذي يدافع عن أرضه وعرضه.

هذا الموقف المُخزي للملكة العربية السعودية تبنته مصر والأردن ولكل أسبابه الخاصة، ففي حين غلفت هذا الموقف السعودي خلفية طائفية مقيتة؛ فإن موقف مصر أراه حلقة لا تنفصل عن مسلسل مهين من الانبطاح والزحف تحت أقدام الهيمنة الأمريكية والتقرب إليها عبر بوابة تل أبيب لعله ينول المُراد ويكمل الزفة دون غضب الآلهة في البيت الأبيض، أما موقف الأردن ففي رأيي لم يثر أية علامة استفهام حيث أن سجلها "مشرّف" في مثل تلك المواقف.

اتفقت الحكومات الثلاث على وصف حزب الله بالمغامر ورد عليهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأنه مغامرات الحزب تجلب العزة والكرامة والشرف لأمته، وأضم صوتي لصوته راجياً منهم أن "ينقطونا بسكاتهم" فالسكوت من ذهب في مثل هذه المواقف، فليتهم صمتوا بدلاً عن هذا التواطؤ المعلن وهذه الرجعية وهذه الاندفاع غير العقلاني إلى أحضان الغطرسة الأمريكية والصهيونية.

أعتقد أنه من السخف ونحن نرى لبنان تحترق أن نلوم المعتدي عليه وأن نوجه سياط اللوم إلى من جعلونا نشعر أننا ما نزال أحياء وما نزال نملك من بقية كرامة أهدرت على مدار السنين بفعل مواقف حكام أرانا الله فيه يوماً يكونون فيه عبرة لمن يعتبر.فليس من المقبول أبداً في مثل هذه الظروف أن يتحدث أحد عن سنة وشيعة ونحن في مواجهة عدو مشترك لن يرحم أحداً، فاليوم لبنان وبالأمس العراق والبقية تأتي، ليقولوا أكلنا يوم أكل الثور الأبيض.

نصر الله -نصره الله- أعاد لنا الأمل في كسر شوكة هذا الجبروت والتعنت الصهيوني، ورأينا ولأول مرة إسرائيل تُضرب في العمق، ويكفي أن ثلث سكان إسرائيل يبيتون مثل الديدان تحت الأرض في الملاجيء فلم نعد نحن فقط من تبكي نساؤنا ويصرح أطفالنا وتهدم بيوتنا فهناك على الجانب الآخر في قلب إسرائيل من يشاركنا هذه المآسي لكي يذوقوا ما تعودنا عليه منذ عقود.
وأختم من قول ربنا "ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم "
آل عمران آية 105