أحـزان علي سـالم
في كثير من الأحيان يعجز الواحد منا عن تصور تلك الجرأة التي يتمتع بها البعض في الإعلان عن شذوذ غريب في الرأي يتنافى بشدة ويتعارض مع قيم ومباديء ومشاعر المجتمع الذي يعيش فيه، وتجد الواحد من هؤلاء لا يخجل من إعلان تلك الرؤى والأفكار الشاذة ويدافع عنها بإستماتة وبكل ما أوتي من قوة وكلما أتيحت له الفرصة للترويج لسلعته الرديئة والمعيبة.
من بين تلك السلع الرديئة التي يروج لها أصحابها بشدة وبجرأة يحسدون عليها هي بضاعة التطبيع الفاسدة المفسدة، فرغم ما يتعرض له إخواننا في فلسطين من تنكيل وتشريد وهدم وتجريف على أيدي العدو الصهيوني الذي يمارس أقسى أنواع العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني الشقيق؛ إلا أننا نجد نفر من أبناء جلدتنا يدعون بكل وقاحة إلى التطبيع مع هذا العدو الذي ظلم أهلنا في فلسطين وإغتصب الأرض وإنتهك العرض.
يأتي على رأس هؤلاء الكاتب على سالم المعروف بحماسه الشديد للتطبيع مع العدو الصهيوني في كافة المجالات، وقد بدأ دعوته بالتطبيع الثقافي وممارسته الفعلية له والذي نتج عنه قرار فصله من إتحاد الكتاب المصريين في مايو 2001 ، وقد إستمر في دعوته هذه رغم إستنكار الكثير من الشرفاء لهذا الموقف الشاذ، وما يزال يدافع عن تلك الدعوة المهينة على صفحات الجرائد وعبر وسائل الإعلام المختلفة،آخرها مقالاً كتبه لجريدة الراية ،في السادس والعشرين من الشهر الماضي ،يخاطب بجرأة من يدعو لمناهضة التطبيع ويستنكر ذلك الموقف المعادي للتطبيع ويدّعي زوراً أن غالبية الشعب المصري يؤيد التطبيع!!
في أواخر مايو الماضي أعلنت جامعة بن غوريون الصهيونية عن منحها شهادة الدكتوراة الفخرية للكاتب على سالم تقديراً لمواقفه المؤيدة للتطبيع من العدو الصهيوني ! فكتب مقالاً-الذي أشرنا أليه سالفاً - يؤيد فيه التطبيع ويدافع عنه ويبرره وأرسل المقال إلى جريدة الراية لينشر في اليوم التالي لسفره إلى تل أبيب وهو الخميس السادس والعشرين من الشهر الماضي موعد نشر مقاله الإسبوعي بالراية، وقد كان يتوقع أن يقرأ الناس مقاله المؤيد للتطبيع وهو في تل أبيب يتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية،وشد الرحال يوم الأربعاء الخامس والعشرين من مايو الماضي – اليوم السابق لنشر المقال- فرحاً وطرباً لكن فرحته لم تكتمل، فقد حاول السفر إلى تل أبيب عبر منفذ طابا ولكن لم يُسمح له بذلك، فعاد إلى القاهرة وحاول أن يسافر عبر مطار القاهرة ولم يتمكن أيضاً نظراً لمنعه من السفر بسبب عدم حصوله على تصريح السفر حسب إدارة المطار، فعاد إلى بيته غضبان أسفاً.
بعد هذا الموقف طالعتنا الأنباء أنه يعيش في حالة من الكآبة بسبب عدم تمكنه من الذهاب إلى أرض الأحلام الموعودة ! وفي 7 يونيو الجاري نشرت الحياة اللندنية له مقالاً بعنوان "تعامل مع أحزانك برقّة" أعتقد أنه أول ما كتب بعد قرار منعه من السفر، ورغم أن ظاهر المقال يبدو كأنه روشتة ونصيحة لكيفية التغلب على الأحزان إستعرض فيه بعضاً من المواقف المحزنة في حياته إلا أن سطور المقال تقطر حزناً على حرمانه من "الأملة" التي كانت تنتظره في جنة المطبعين في الأرض ! فقد بدا حزيناً تعيساً لأنه يا ولداه لم يتمكن من أن يكون وسط أصدقائة وأحبائه الصهاينة الذين طالما دافع عنهم رغم كل ما يقترفون من جرائم بحق إخواننا في فلسطين، و قد طلب من "صديقه" عاموس عوز، أحد أشهر الأدباء الصهاينة، أن يتسلم بدلاً منه الدكتوراه الفخرية، بينما تفرغ هو لكي يتعامل مع أحزانه "برقّة" كما ورد في عنوان مقاله بجريدة الحياة !
أقول للكاتب على سالم إذا كانت تلك هي الأحزان بالنسبة لك فإنني أدعو الله ألا تكون آخر الأحزان.

No comments:
Post a Comment