أفــراح الكـرة المصــرية
لم تكن الأسباب الصحية وحدها هي التي منعتي من التواصل مع مدونتي الشخصية على مدى ما يقرب من شهرين؛ ولكن معها الشعور بالإحباط وخيبة الأمل الذي يلازم الواحد منا نتيجة متابعة ما يجري حولنا من أحداث، ففي كل جريدة تطالعها سواء كانت عربية أو أجنبية تجد تعاقب مسلسل الذل والمهانة والإحباط والفشل الذريع على جميع الأصعدة والتي يبين لنا حجم التخلف والوهن والضعف الذي وصلنا إليه، وفي كل خبر أو تحليل تقع عليه عيناك يصيبك الهم والغم والنكد وفقدان الشهية جراء ما تقرأ وتطالع لدرجة أنه يراودني تفكير عميق هذه الأيام أن أتوقف عن متابعة الجرائد العربية منها والإفرنجية وأبقى مع أفلام الكرتون على قناة سبيس تون "Space Toon" !
خذ على سبيل المثال ما حدث في مصر ثاني أيام العيد من تحرش جنسي سافر بالفتيات في وسط القاهرة والذي لا أجد له عنوان إلا غياب الدولة، ولو أن هذه المنطقة من العاصمة يقع فيها نادي القضاة أو نقابة الصحفيين لأحاطت بها الآلاف من جنود أمن النظام، لكن خلاف ذلك لا يهم، فهتك أعراض النساء في الشوارع كله يهون في سبيل تحقيق الأهداف الأخرى التي تبدو بالنسبة لعلية القوم أكثر أهمية، وبالمناسبة هناك في مصر كيان له وجود يسمى المجلس القومي للمرأة ونتساءل: أين هوانم هذا المجلس من كل ما جرى أم أن الفتيات اللاتي تعرضن للتحرش لسن على قدر المقام أو أنهن "بيئة.. ياي!" ولا يرطّن مثلهن بكلمات إفرنجية ولا يتحدثن من أنوفهن تعبيراً عن التمدن والحداثة !
ثم تابعت ما حدث في إنتخابات الإتحادات الطلابية في الجامعة والتدخل السافر للأمن في هذه الإنتخابات، ولا أدري كيف ينشأ ويتعلم طالب المفروض أنه من سيتحمل المسؤولية في المستقبل في ظل هذه الظروف والإجراءات القمعية أم أن مواقع القيادة في البلد ليست لهؤلاء الذين هم من عامة الشعب وإنما كل مسؤول في موقعه يعلم جيداً ويجهز لمن يخلفه من أبناء مصر الأخرى.
ولم تختلف انتخابات النقابات العمالية عن ذلك كثيراً فقد تفتق ذهن المسؤولين سواء في الانتخابات الطلابية أو انتخابات النقابات العمالية هذه المرة عن إختراع جديد، هو آخر تجليات الفكر الجديد والانطلاقات البائسة نحو ما يسمى بالمستقبل، فقد استحدث المسئولون وسيلة جديدة وهي شطب المرشحين غير الموالين للبلاط أي تجفيف منابع المرشحين منذ البداية على طريقة تجفيف منابع التدين في تونس الخضراء !
الغريب والمضحك في الأمر، على اعتبار أن شر البلية ما يضحك، هو ما سمعته من أن مصر قد أرسلت مراقبين شاركوا في مراقبة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي التي جرت في أوائل هذا الشهر!! نعم؛ فقد شاهدت رهط منهم في إحدى البرامج التليفزيونية، آه والله شفتهم !!
وفي ظل كل هذه الإخفاقات المتتالية وما صاحبها من شعور بالإحباط وخيبة الأمل ويأس من إمكانية تغير ذلك الواقع المظلم؛ أسعدنا فريق الأهلي المصري بفوزه كأس بطولة الأندية الإفريقية لكرة القدم إثر تغلبه باقتدار في مباراة الإياب على فريق الصفاقسي التونسي الشقيق بهدف دون مقابل، فقد رسم الأهلي الفرحة على وجوهنا بعد أن كساها الحزن على أحوالنا التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
قوة وتماسك وبراعة فريق الأهلي أذهلت الجميع وكل من اعتقد-أو تمنّى- أن فوز الأهلي بالبطولة هو حلم بعيد المنال خاصة بعد تعادل الأهلي مع الصفاقسي في مباراة الذهاب بالقاهرة بهدف لمثله، إلا أن الأهلي فاجأ الجميع وأحرز البطولة وسط أكثر من 60 ألف مشجع تونسي.
وأعتقد أنه من المفترض أن هذا الفوز الغالي وهذا النصر الثمين قد أسعد كل المصريين بما فيهم مشجعي أندية الزمالك والمصري والإسماعيلي(!)، خاصة وأن هذا الفوز قد جاء بعد أقل من عشرة أشهر من فوز المنتخب المصري لكرة القدم ببطولة أفريقيا مما يؤكد تصدر مصر المشهد الكروي الإفريقي على مستوى المنتخبات والأندية.
وقد جاء الفوز بهذه البطولة الغالية ليفتح الطريق أمام الفريق العريق لتمثيل مصر والكرة الإفريقية في بطولة العالم للأندية التي ستقام باليابان الشهر القادم، مع تمنياتي بكل التوفيق لبطل القرن في أفريقيا وقلعة البطولات النادي الأهلي المصري.
يبقى أن أقول أن النادي الأهلي المصري ليس لاعبين فقط وإنما هم لبنة في بناء متكامل ومتناغم ويكمّل بعضه بعضاً، حيث يجمع الحب والتفاهم والإخاء كل من ينتمي إلى هذا النادي العريق الذي حصل على لقب نادي القرن في أفريقيا بجدارة، الأهلي هو صرح للمباديء والقيم التي أرساها الراحل صالح سليم الرئيس السابق للنادي واليوم يدير هذا الصرح الرياضي الكبير أحد تلامذته وهو الأستاذ حسن حمدي رئيس نادي الأهلي وهو شخص لا يعرف الصراخ والصياح ولا التهديد والوعيد ولا تستهويه كاميرات الفضائيات ولا أعمال البلطجة مثل الكثيرين غيره من الذين نقلوا الحوار داخل أنديتهم إلى قاعات المحاكم.
No comments:
Post a Comment