! روسيا دولة عربية
حتى عندما يتحدث عن روسيا – المنافس القديم - لم يتورع السيد بوش عن توجيه سهام النقد اللاذع لروسيا فيما يتعلق بمجال الديمقراطية والحرية، فهذا الرجل لا تعرف حُمرة الخجل إلى وجهه طريقاً ،وهو يعتقد أنه مبعوث السماء إلى الأرض لنشر الديمقراطية والحرية في العالم، وقد وصفته من قبل وزيرة الخارجية الأمريكية الآنسة "كوندي" التي أشعر تجاهها بإحساس غريب أخاف أن أبوح به حتى لا أُتهم بالعمالة للغرب والترويج للهيمنة الأمريكية، فقد قالت لا فض فوها ومات كمداً كارهوها إن السيد بوش هو هبة من السماء للأرض!!
الرئيس بوتين زعيم روسيا الإتحادية الوريث الشرعي لما كان يعرف بالإتحاد السوفيتي - طيّب الله ثراه - وجدناه وقد وقف مدافعاً عن نظامه ضد ما ورد على لسان بوش من نقد لوضع الديمقراطية والحرية في روسيا، فقال إن الديمقراطية لا يمكن أن يتم تصديرها من الخارج أي أنها لا بد أن تنبع من الداخل وأن كل دولة لها خصوصياتها المحلية التي يجب إحترامها ومراعاتها ! ألا يذكركم هذا الرد بشيء ما ؟ نعم إنه نفس التحليل العبقري الذي توصل إليه وإستخدمه زعماء بعض الأنظمة العربية عندما يوجه إليهم أي نقد بخصوص أوضاع الديمقراطية والحرية في بلدانهم!
وأعتقد أن السيد بوتين وهو في هذا الموقف العصيب يحسد زعماء تلك الأنظمة العربية على النعمة التي بين أيديهم وهي فزّاعة الإسلاميين التي طالما إستخدموها لعقود طويلة لتخويف واشنطن والغرب من أن الديمقراطية سوف تجيء بالإسلاميين إلى الحكم، وتمنى بوتن لو أن عنده في روسيا فرع للإخوان المسلمين يخوّف بهم الولايات المتحدة والغرب حتى يتهرب من مطالب الديمقراطية والإصلاح، ولكن على أي حال فقد إنتقل حق الإنتفاع بفزّاعة الإسلاميين في الفترة الأخيرة إلى الولايات المتحدة التي بدأت تستخدمه ضد تلك الأنظمة العربية لتحقيق مآرب أخرى "إضافية"، سبحان مغير الأحوال !! وقد تأكد ذلك في تصريحات الست "كوندي" عندما قالت أن بلدها لا تمانع في وصول الإسلاميين إلى الحكم، وبهذا أصبحت روسيا والأنظمة العربية أمام واشنطن سواسية كأسنان المشط!
ها قد صارت روسيا بين عشية وضحاها كحال الأنظمة العربية تتذرع بنفس المبررات والحجج الواهية للتهرب من الديمقراطية والإصلاح، وتقبع في نفس الخندق ضد التدخل الأمريكي في شؤونها بحجة نشر الديمقراطية !!
على أي حال نرحب بالأشقاء الروس ودولة روسيا الشقيقة عضواً جديداً في جبهة المدافعين عن بلادنا العربية ضد الهجمة الإمبريالية الأمريكية الشرسة التي تسعي إلى التدخل في شؤوننا تحت غطاء نشر الديمقراطية، فنحن دول العالم العربي – بما فيها روسيا – نؤمن بأن الديمقراطية لابد أن تنبع من الداخل ولا تفرض من الخارج كما أن لكل دولة خصوصياتها، هوة ده الكلام !!

No comments:
Post a Comment