المعارضة المصرية وتجميل الوجه العكر
(3)
حزب الوفد الجديد
رئاسة الحزب ليست بالأمر السهل وتحتاج الي مجهود كبير ورئاسة الحزب مسؤولية ضخمة تكون علي حساب صحة وحياة الشخص الذي يتطوع لرئاسة الحزب .
هذه الكلمات هي للدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد المعارض ومرشحه للرئاسة المصرية وذلك في مقابلة تلفزيونية علي فضائية دريم في السابع من أغسطس الماضي في رده علي سؤال محاوره عن عدم تطبيق نظام لتحديد مدة رئاسة حزب الوفد. واذا حذفنا من كلام د. نعمان جمعة كلمة الحزب واستبدلناها بكلمة الدولة فسيصبح الكلام تقريبا هو رد الرئيس حسني مبارك علي من ينادي بتحديد مدة الرئاسة في مصر وذلك في مقابلة تلفزيونية علي شاشة التلفزيون المصري! فهذا هو زعيم أحد أبرز أحزاب المعارضة في مصر يرفض تحديد فترة توليه رئاسة الحزب ويريد أن يُخلد وأن يمكث علي كرسي رئاسة الحزب الي يوم يبعثون، وهذا من حقه علي أساس أن من حكم في ماله فما ظلم! ولكن ما نرفضه أن يكون هذا هو موقفه من تداول السلطة داخل حزبه ثم يأتي وتكون علي رأس مطالبه من النظام الحاكم هو تحديد مدة الرئاسة في مصر بفترتين فقط وهو ما لا يقوم بتطبيقه داخل الحزب الذي يرأسه! فلا تنه عن خلق وتأتي مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم.
الدكتور نعمان جمعة هو مرشح حزب الوفد في انتخابات الرئاسة وبما أن هذه هي وجهة نظره في مسألة تداول السلطة في الحزب الذي يرأسه فإن هذا مؤشر واضح علي أنه اذا اعتلي كرسي الرئاسة في مصر - لا قدر الله - سوف يتمسك به بكل ما أوتي من قوة وسوف يرفض ويحارب فكرة تداول السلطة ولن يرضخ لطلبات المعارضة بتحديد فترة الرئاسة وسيسعي إلي أن يمكث علي الكرسي إلي أن يشاء الله!
المعارضة المصرية بمواقفها تلك التي تماثل وتنسق مع مواقف النظام الحاكم وتوجهاته تساهم بصورة أو بأخري في تجميل وجه هذا النظام وتبدو الصورة أمام المواطن العادي وكأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان طالما أن زعماء أحزاب المعارضة هم أيضا يمارسون الديكتاتورية داخل أحزابهم ويحاربونها فقط خارج أعتاب تلك الأحزاب، فالدكتور نعمان جمعة علي سبيل المثال بمجرد أن تولي رئاسة الحزب أطاح بأحد الكوادر الرئيسية في الحزب وفصله من جريدة الحزب جريدة الوفد مع أن الضحية كان من المشاركين الرئيسيين في إصدار الأعداد الاولي لتلك الصحيفة وهذه هي الديمقراطية البديلة التي تعدنا بها أحزاب المعارضة! كما أن الدكتور نعمان جمعة الذي تطلع الي رئاسة مصر التي يتجاوز تعداد سكانها سبعين مليون نسمة لم يحتمل أحد رعاياه في جولة انتخابية في مدينة بورسعيد علي البحر المتوسط وعندما ضاق به ذرعا وهو يهتف لمرشح آخر أثناء إلقاء كلمته فقال أمام الكاميرات طلعوه بره ابن ال ؟؟؟ ده!!
جميع رؤساء أحزاب المعارضة الرئيسية في مصر يطالبون الرئيس مبارك بتحديد مدة الرئاسة بفترتين وألا يعيد ترشيح نفسه، ولكن إذا فتشنا في شهادات ميلاد هؤلاء الزعماء سنجد العجب العجاب، فالدكتور نعمان جمعة رئيس حزب الوفد يزيد عمره علي سبعين عاماً، كما أن السيد خالد محيي الدين رئيس حزب التجمع يزيد عمره عن ثلاث وثمانين عاما مواليد أغسطس 1922 ، والسيد ضياء الدين داوود رئيس الحزب العربي الناصري يصل عمره الي تسع وسبعين عاما مواليد مارس 1926 وقد ذكرتني تلك الأعمار بمقال قرأته منذ أكثر من عام للاستاذ سليم عزوز عنوانه في ضيافة المصريين القدماء وكان يتحدث عن لقائه مع أعضاء لجنة شؤون الاحزاب في مصر وجميعهم تقريبا في نفس أعمار رؤساء تلك الأحزاب مع الفارق أن من التقاهم الاستاذ سليم عزوز هم من كبار رجال السلطة في البلاد ويتصدرون المشهد السياسي في مصر أما من نتحدث عنهم فهم علي كراسي المعارضة وكلا الفريقين باقيان ماكثان مخلدان جالسان إلي أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!
No comments:
Post a Comment