Tuesday, October 18, 2005


العالم الإسلامي إلى أين؟

هل نتمنى أن يبقى حالنا على ما هو عليه الآن؟

في مثل هذه الأيام من العام الماضي أذكر أنني كنت أتبادل التهاني بمناسبة قدوم الشهر الكريم مع أحد الأصدقاء الذي قال في لهجة حزينة أتمنى أن يأتي العام القادم وحالنا أفضل من ذلك، وكان ردي عليه "بل تمنى معي أن يظل حالنا كما هو وألا يتدهور أكثر من ذلك "، لأننا قبل عام مضى كنا نلحظ كما نلحظ الآن أن حال العالم الإسلامي يزداد سوءاً ويتدهور بوتيرة متسارعة وصرنا أكثر تفككاً وتشرذماً وضعفاً، ولو رجعنا إلى تقييم أحوال المسلمين والعرب منهم على وجه الخصوص قبل عام من الآن لوجدنا أن حالنا وقتها- أي قبل عام فقط- كان أفضل بكثير مما هو عليه الآن، فقد ازداد حالنا سوءاً وصرنا أكثر وهناً وضعفاً وهُنّا أكثر على الناس، وأصبحنا نستجدي رضا أحقر أهل الأرض بصورة مُخزية وتداعت علينا الأمم أكثر وأكثر، حتى صرنا نحن كشعوب عربية مسلمة ننظر بإعجاب شديد إلى حكاماً وشعوباً – غير مسلمين- ما زالوا يمثلون جسوراً ورموزاً للمانعة والوقوف في وجه الطغيان الأعمى للإمبراطورية الأمريكية المستبدة مثل فنزويلا شافيز الذي طالب في الأمم المتحدة في عقر دار الأمريكان بنقل مقر المنظمة الدولية من هذا الدولة المتعجرفة التي لا تراعي قيماً ولا مباديء، كما صرنا ننظر بإعجاب لذلك التلاحم المطلوب في الوقت الحالي مع نظيره الكوبي فيدل كاسترو وكيف أنهما ينسقان معاً من أجل تكريس التعاون الاقتصادي بين بلديهما لكي يقاوما ذلك الحصار الجائر الذي وصل من قبل بالعراق إلى ما هو عليه الآن، وكان الأجدر بنا نحن العرب أن نتعاون مع هذه الدول أو أن ننضم إلى هذه الجبهة، ولكن كان من المخزي والمؤسف ضعف الإقبال العربي في القمة العربية اللاتينية التي أقيمت في البرازيل في مايو الماضي وكأن العرب لا يريدون أن يتحرروا من سطوة من يسومهم سوء العذاب ويسلب ثرواتهم ويتحكم في مقدراتهم والله إنه لأمر غريب يستعصي على الفهم.

نظرنا أيضاً بكل إعجاب إلى إيران، تلك الدولة التي تناطح أعتى قوة في العالم وهي الولايات المتحدة التي تريد أن تحرم إيران من حق امتلاك الطاقة النووية، وهي تقوم بهذه المهمة بالنيابة عن إسرائيل وذلك من أجل أن تظل الدولة العبرية وحدها هي القوة النووية من المنطقة، ومثلما أشعر بإعجاب إزاء الموقف الإيراني أجدني أنظر باستغراب شديد إزاء مَنْ يُعرب عن قلقه بصراحة من سلاح إيران النووي وهي دولة مسلمة ولكنه في نفس الوقت يستأنس بسلاح النووي الإسرائيلي المجاور والذي يهدد بلاده التسرب المحتمل للإشعاع النووي من مفاعلاتها، والله إنها لآخر عجائب هذا الزمن عندما تكون إسرائيل هي الصديق الودود وإيران المسلمة هي العدو اللدود.

في العراق إزداد الوضع سوءاً فما زلت أذكر أن في نهاية رمضان الماضي بدأت عملية إجتياح الفلوجة من القوات الأمريكية الغازية وما نتج عن ذلك من مأساة إنسانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى ولكن تجاهلها العالم الذي يدعي العدل والحرية ولكنه في االحقيقة عالم قائم على النفاق والمصالح والمنفعة المتبادلة، وإذا نظرنا الآن بعد عام تقريباً لوجدنا أن هذه العمليات قد تكثفت على المدن العراقية ولا تختلف عن بعضها إلا في مسمياتها التي تطلقها تلك القوات الغازية عليها ولكنها جميعاً تهدف إلى تركيع وتدمير الإنسان العراقي والقضاء ما تبقى من البنية التحتية للعراق الذي يعاني من عدم توفر أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء، ثم يدّعون أنهم جاؤوا لتحرير العراق ! وعلى الجانب الآخر ارتفعت وتيرة عمليات العنف التي تستهدف المدنيين ولا يمر يوم إلا ويُقتل فيه العشرات من أبناء الشعب العراقي، والقوات المحتلة تغض الطرف عن حقيقة أن وجودها هو السبب وراءكل هذه الحمامات من الدم وهذه المجازر التي يتعرض لها الشعب العراقي الشقيق، ألم يصير الوضع في العراق أسوأ مما كان عليه منذ عام مضى؟

وفي فلسطين أطلقت إسرائيل يدها في قتل وتشريد الفلسطينيين وهدم منازلهم وانسحبت من جانب واحد من مدينة غزة في رسالة لها مدلولها لمن يود أن يفهم، وفي الأفق الفلسطيني الداخلي تلوح غيوم تهدد وحدة الصف الفلسطيني وتصب فقط في صالح إسرائيل، ألم يزداد الوضع في فلسطين سوءاً ؟ ولكن المفارقة الغريبة في الأمر أن العديد من الأنظمة الإسلامية وجدناها تتسابق وتتدافع نحو إقامة علاقات مع إسرائيل، فوجدنا من "اقترف" اتفاقيات تعاون اقتصادي وصناعي مشترك وتصدير الغاز بعد البترول إلى إسرائيل في تجاهل غريب لمعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، ورأينا كيف أن ما كان في الماضي يعتبر من الحرام السياسي صار اليوم مُسلماً به.

يُقال إن أكثر فترات الليل ظلاماً هي تلك التي تسبق طلوع الفجر، وهل هناك أسوأ أو أسوَد مما نحن فيه الآن؟ هل اقترب وقت بزوغ فجر هذه الأمة من جديد؟ لكن على أي حال كل عام وأنتم بألف خير بمناسبة الشهر الكريم وأتمنى أن يجيء العام القادم بإذن الله وحالنا أفضل مما نحن عليه الآن أو لنقل – مرة أخرى- أن يظل حالنا- على الأقل- على ما هو عليه اليوم وألا يزداد سوءاً وتدهوراً وضعفاً وتشرذماً مثلما حدث في العام الذي مضى.

No comments: