Monday, February 27, 2006

فن استغلال مواقف السيارات

في 24 يناير الماضي نُشر لنا في الراية القطرية مقالاً تحت عنوان"ارتفاع الإيجارات وفن استغلال المساحات" ، تحدثت فيه عن ظاهرة مرتبطة بارتفاع الإيجارات وهي استغلال المساحات في المنازل والبنايات من قِبل القائمين على العقار لبناء وحدات جديدة أو غرف أخرى للاستفادة من ظاهرة الارتفاع الموحش في الإيجارات.

في تلك الأثناء كان يبحث صديق لي عن سكن فلم يجد إلا غرفة في بناية في حي أم غويلينة مقابل إيجار شهري قدره 1500 ريال، وعندما ذهبت هناك لزيارته وكان قد استقر في المكان الجديد في الأول من فبراير الحالي؛ رأيت أمراً غريباً فقد وجدت أن المسؤول عن العقار استغل موقف السيارات أسفل المبنى في بناء شقق جديدة، نعم والسكن الجديد الذي انتقل إليه صديقي ما هو إلا غرفة في شقة تم بناؤها في موقف السيارات أسفل البناية، بالإضافة إلى شقة أخرى مجاورة.

في ذلك الوقت نويت الكتابة عن الموضوع تحت عنوان"ارتفاع الإيجارات وفن استغلال مواقف السيارات "، ولكن حدث ما شغلني عن الكتابة عن هذه الظاهرة وكذلك امتثالا لرغبة صديقي في عدم الكتابة عن هذا الموضوع، وكنت وقتها أود أن أتساءل عن مدى قانونية استغلال مواقف السيارات في بناء وحدات سكنية إضافية.
فجر يوم الخميس 16 فبراير الجاري، حدث ما لم يكن في الحسبان، فقد سقط جزء من سقف بلكون إحدى الشقق التي تتألف منها البناية الآيلة للسقوط مما نتج عنه تشرد 16 أسرة
(الراية 18 فبراير الجاري) ، وأصبح صديقي أيضاً بلا مأوى حاله مثل حال باقي سكان البناية.

أردت فقط إلقاء الضوء على هذه الجانب من الحكاية ربما لا يعرفه الكثيرون ممن تابعوا هذه القصة عبر صفحات الراية 18 فبراير الجاري، وأختم مع ما قاله الأستاذ جمال فايز
(الراية19 فبراير الحالي) عن موضوع تصدع هذه البناية " إن التصدع الذي حدث في عمارة أم غويلينة وشرد ساكنيها ليس حالة استثنائية بل صرخة عمارة للالتفات لمئات مثلها تنتشر في مدن وقري الدولة وعلي جهات الاختصاص أن تتحرك وتمنع السكن فيها حتي لا يقع مكروه أكيد أننا جميعاً لا نتمني أن يحدث هدمها وهو الترياق الوحيد للمنازل والعمارات الآيلة للسقوط".

Tuesday, February 21, 2006

(2) العمـل هو الحـل

الغريب في الأمر حقاً هو أن الدنمارك لا تعترف بالإسلام كدين! نعم هي تعترف فقط بالمسيحية واليهودية والسيخ (تقرير سمير عواد- الراية القطرية 3 فبراير الجاري)،كما أن الدنمارك لا يوجد بها مسجد بالمعنى المعروف، فقد نُشر في صحيفة "كوبنهاجن بوست" الدنماركية في الأول من فبراير الحالي تحت عنوان "المسلمون يستحقون مسجداً" تعليقاً لـ"هيربرت بوندك" وهو محرر سابق في صحيفة دنماركية يومية يقول فيه "إن بناء مسجد في كوبنهاجن قد يخفف التوتر بين الدنمارك والعالم الإسلامي"، وأضاف"إن بناء مسجد دائم للمسلمين الذين يبلغ عددهم 200 ألف يقيمون شعائرهم الدينية في 50 مسجد مؤقت منتشرة في أرجاء مملكة الدنمارك؛(مراسل الجزيرة قال إن أحدها كان مصنعاً للحليب) سيعتبر بمثابة غصن زيتون للمسلمين الغاضبين من نشر الرسومات المسيئة لنبيهم"، ولكن الأغرب أن نجد أن أهم دولة إسلامية وهي المملكة العربية السعودية تأتي على رأس المستوردين لمنتجات الدنمارك حيث بلغت واردات السعودية من الدنمارك ثلاثمائة وسبعون مليون دولار في عام 2004 (حمدي قنديل – الجمعة 10 فبراير الجاري) أليس هذا أمراً غريباً ؟

في مهرجان خطابي بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة (الجمعة 3 فبراير الجاري) لم يستطع أي من المشاركين في إلقاء كلماتهم لمدة ثلاث دقائق متواصلة بسبب الشعارات التي كانت تدوّي في أرجاء المسجد، قلت في نفسي يبدو أننا حكاماً ومحكومين لا نملك إلا الشعارات الحماسية التي لا طائل منها، وأنا أتابع باهتمام تلك الشعارات سألت نفسي يا ترى لو لم يكن هناك دولة اسمها إسرائيل أو لم يكن هناك يهوداً على وجه الأرض تُرى على أي شماعة كنا سنعلق إخفاقاتنا المتواصلة وفشلنا الذريع ؟ لو تلاحظون أن كل فشل يلحق بنا وكل إخفاق وهزيمة في أي مجال نُلحقه أو نعلّقه مباشرة دون تفكير في شماعة إسرائيل واليهود ..فإذا كانت إسرائيل تدبر لك وتخطط فأين أنت وأين دورك أليست هذه هي السلبية بعينها ؟ هل يُعقل أن أسلّم نفسي وأكشف أوراقي ثم ألقي اللوم على عدوي هذا وأقول إنه يتربص بي؟ ..إسرائيل هذه عدو ونحن نعلم ذلك جيداً لكن ماذا أعددنا لها وهل احتطنا من كيدها؟ هذا هو السؤال، لكن الآن اتسعت الدائرة فليست إسرائيل وحدها فالعالم كله يستهين بالمسلمين وكأنهم "الحيطة المايلة" في هذا العالم، لكن لماذا؟

سألت نفسي هذا السؤال الذي لا يحتاج إلى إجابة وأنا أطالع صحيفة «الجارديان» البريطانية (الاثنين 6 فبراير الجاري)،فقد كشفت "الجارديان" أن صحيفة «يلاندس بوستن» الدنماركية التي نشرت الرسوم المسيئة للرسول بحجة ممارسة حرية الراي والتعبير كانت رفضت قبل ثلاثة أعوام نشر رسم كاريكاتيري عن السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، مع رفضنا كمسلمين الإساءة للأنبياء كافة لقول ربنا "لا نفرق بين أحد من رسله" البقرة 285، وأوضحت «الجارديان» أن «يلاندس بوستن» رفضت في إبريل 2003 رسومات من الرسام الدنماركي كريستوفر زيلر تتناول شخص السيد المسيح، بقولها: «لا نعتقد أن قراءنا سوف يستسيغون هذه الرسومات»، فيما نقل عن زيلر أنه يعتقد أن "يلاندس بوستن" قدرت أن مشاعر قرائها المسيحيين أرهف من مشاعر القراء المسلمين، أضف إلى ذلك ما نشرته الصحيفة الدنماركية "يولاندس بوستن" ( 8 فبراير الجاري ) على لسان رئيس تحريرها أنها لن تنشر الرسومات التي تنشر في إيران والتي تتناول المحرقة النازية.

أعتقد أن الإجابة على تساؤل "لماذا؟" قد اتضحت الآن، وهو باختصار لأننا ضعفاء، فمعظم الدول الإسلامية من الدول النامية أو ما يسمونه العالم الثالث..لكننا نمتلك وسائل القوة وفي نفس الوقت متكاسلين، إذن هذه دعوة للعمل كلٌ في مجاله، أن يجتهد جميعنا بهذه النية، نية نصرة الإسلام في موقعه: في شركته، في مصنعه،في مقر عمله، دعوة إلى الدارسين إلى الاجتهاد في دراستهم لكي يتحقق أمل الأمة المنشود في التقدم والرقي، دعوة إلى تربية النشيء على مباديء ديننا الحنيف، دعوة إلى الإهتمام بالعلم والعلماء في مختلف المجالات، دعوة إلى القراءة، نعم هل يعقل أن تكون أمة إقرأ لا تقرأ؟ فأول كلمة نزلت من القرآن الكريم دستور الأمة هي إقرأ في سورة اسمها يحمل نفس الكلمة، دعوة لنبذ الخلاف بيننا، الخلاف الذي أنهك قوانا وفرقها في المهاترات الجانبية الإعلامية التافهة والتفرغ للرد على هؤلاء الذي يتهجمون على عقائدنا، دعوة للالتزام بالأخلاق الإسلامية القويمة، دعوة إلى التصدي للفساد بكل أشكاله، الفساد الذي هو سبب تأخرنا عن اللحاق بركب الأمم، الفساد الذي "أغرقنا" في التخلف وأزهق أرواح الآلاف منا، دعوة لإحداث ثورة في طريقة حياتنا القائمة على التلقي السلبي من الغرب، دعوة إلى تبني منهج وأسلوب حياة إسلامي يعبر عن طموحات شعوبنا..نحن لا نعوّل كثيراً على حكوماتنا المتخاذلة كما وصفها دكتور يوسف القرضاوي (الجمعة 3 فبراير) ولكن التعويل كله على الجماهير العربية والإسلامية ولندع الحكام وهمومهم الكثيرة فما يشغلهم يرونه أهم من شعوبهم، فلنبدأ نحن في العمل على إيقاظ هذه الأمة من غفوتها التي طالت

Wednesday, February 15, 2006

(1) العمل هو الحل

بعون الله أستطيع أن ألقي عليكم خطبة حماسية تؤجج مشاعركم وتشعل حميتكم وتلهب حماسكم، لكني علي يقين أن هذه العاطفة الجياشة المتوقعة ما تلبث أن تنطفيء جذوتها بمجرد أن تُقلب الصفحة المنشور فيها هذا الكلام، ولهذا أدعو إلي وقفة مع النفس في هذه الظروف العصيبة وأن نبتعد قليلاً عن الكلام الحماسي الذي لا يقدم ولا يؤخر، لقد سالت من الحبر أنهاراً واستهلك من الورق أطناناً في الحديث عن هذا الموضوع الذي أثار حفيظتنا نحن المسلمين في أعز رمز إلينا وهو نبي الرحمة، لكن دعونا نتساءل هل الشجب والاستنكار والإدانة والمسيرات الغاضبة علي ما حدث هو الرد المناسب لقد كنا في الماضي الذي ولي نتندر علي حكامنا بأنهم لا يملكون إلا الشجب والإدانة والاستنكار، ثم أصبحنا الآن نترحم علي هذه الأيام الخوالي، فولاة الأمر منا بقدرة قادر تم فطامهم عن هذه الكلمات فلم يعودوا يشجبون ولا ينددون ولا يستنكرون أي عمل يسيء إلي العرب والمسلمين بل أصبحوا يتحسسون رضا سيد البيت الأبيض الأمريكي ويحتاطون بشدة في أي كلمة قد تخدش إسرائيل وهنا أخشي أن نكون قد جاء دورنا كشعوب للعب نفس الدور: الشجب والإدانة والاستنكار.

المسيرات السلمية هي وسيلة جيدة ومؤثرة للتعبير عن الرأي ويتم عبرها إيصال رسالة إلي الآخر بأسلوب حضاري لكن أن يتطور الأمر إلي مهاجمة السفارات والقنصليات ودور العبادة فهذا هو التخلف بعينه، فلو فكر هؤلاء الذين يدعون الغضب لأجل نبيهم لحظة واحدة وعلموا أن الصور المسيئة للرسول تصوره كذباً وزيفاً بالإرهاب والتطرف، ثم يتصرفون هم بهذه الطريقة الهمجية لأيقنوا أن الذين أساءوا للنبي سوف تترسخ عندهم تلك الصورة المزيفة عن الإسلام ونبيه نتيجة لتصرفاتهم الخرقاء، فهؤلاء يعتقدون أنهم ينتصرون للإسلام ونبيه ولكنهم في الحقيقة يسيئون إليه من حيث لا يدرون، ونتساءل هل هذه هي الطريقة المثلي للدفاع عن الإسلام؟!

هذا الانفعال الوقتي الذي ينتج عنه أخطاء لا حصر لها تجسد في رسالة قصيرة وصلتني علي هاتفي الجوال- وأعتقد أنها وصلت للكثيرين منكم- تتحدث الرسالة التي كتبها مسلم منفعل لم يفكر ولم يتأكد من الخبر موضوع الرسالة ولكن الأهم بالنسبة لي أنه بانفعاله هذا وتسرعه لم يتأكد من صحة الآية التي أوردها في رسالته سورة الحجر آية 9 إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، فقد ورد فيها أربعة أخطاء في آية واحدة وندعي أننا ندافع عن الإسلام ونحن لا نعرف كيف نحترم كلام الله.

مقاطعة بضائع تلك الدول هو سلاح فعال ومؤثر لأنها دول قائمة علي المادة وأكثر ما يلهب ظهرها هو سياط الخسارة الاقتصادية، ومع تسابق صحف أوروبية عدة في نشر الرسوم بدأ يطفو علي السطح تساؤل غريب طرحه العديد من الكتاب من بينهم الأستاذة بشري ناصر (الراية 2 فبراير الجاري) عندما تساءلت هل نقاطع كل هذه الدول نقول نعم نقاطعها جميعاً فحفظاً لكرامتنا التي أهينت حتي لو اضطررنا إلي مقاطعة العالم كله، ولكن هذا الأمر يحتاج إلي الاستمرار ولا ينبغي أبداً أن يفتر مثلما حدث من قبل مع حملة مقاطعة البضائع الأمريكية والبريطانية والتي تلاشت مع مرور الوقت، ولكن أيضاً ينبغي تطوير فكرة المقاطعة لتصل إلي دعم المنتجات الإسلامية والعربية وهذه هي الخطوة العملية الأولي.

Sunday, February 05, 2006

إنتخابات فلسطين صفعة للنفاق الغربي
وللديمقراطيات العربية المزيفة

قفزت من مكاني فرحاً عندما تم الإعلان في مساء الأربعاء(25 يناير الماضي) عن إغلاق صناديق الإقتراع في الانتخابات التشريعية الفلسطينية دون حدوث أية تجاوزات وفي جو من الهدوء والنظام والنزاهة وتحت رقابة محلية ودولية‏,‏ وبدون تزوير أو بلطجة أو تدخل أمني‏،وقد أعتبر هذا الانضباط أهم ما ميّز العملية الإنتخابية في إنجاز غير مسبوق في بلاد العرب وهو الأمر الذي عبر عنه نائب مدير المخابرات الفلسطينية بالضفة الغربية على شاشة "الجزيرة" أن يوم الانتخاب قد مرّ دون أن "يُضرب كفّ واحد" في إشارة إلى خلو العملية الانتخابية من أية شوائب أو أحداث عنف قد تعكر صفو عملية الانتخاب، فقد أثبت الشعب الفلسطيني "المحتل" أنه جدير بإحترام العالم أجمع على إنضباطه وتحمله مسؤولية الخروج بهذه العملية الديمقراطية إلى بر الأمان دون أية أحداث قد يستغلها أعداءهم وأعداؤنا في التشهير بأننا العرب لا نستحق ولا ندرك معنى ومغزي الديمقراطية.

أثبت محمود عباس "أبو مازن" أنه بالفعل رئيساً لكل الفلسطينيين وهو جدير بذلك فلم يحاول أبداً إقصاء المنافسين له مثلما يفعل الكثير من الرؤساء والزعماء العرب بل على العكس فقد حاول بشتى الطرق إقناع حماس وإحتوائها وتشجيعها على المشاركة في العملية السياسية رغم علمه أنها ستكون منافساً قوياً لحركة فتح التي ينتمي إليها، عباس يفعل ذلك لأنه رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية وربما يكون الوحيد بين الزعماء العرب الذي يحظى بهذه الميزة لذلك فهو يحترم إرادة هذا الشعب الذي إختاره وولاه هذه المسؤولية، وبما أن هذا الشعب يرفض إقصاء حماس عن الساحة فقد سعى الرئيس الديمقراطي إلى تشجيع حماس وغيرها على المشاركة السياسية ووفر كل الدعم لنجاح هذه المسيرة الديمقراطية المشرفة فهو بالفعل "عرس ديمقراطي بإمتياز" كما أطلقت عليه جريدة الراية في تغطيتها للإنتخابات، فكل الشكر لهذا الرئيس الديمقراطي الذي يستحق منا كل التقدير والاحترام لكونه اللاعب الأول وراء هذا النجاح المبهر.

جاء فوز حماس بمثابة صفعة قوية للغرب الذي يكيل بخمسمائة مكيال تجاه قضايانا العربية وينحاز دائماً إلى جانب إسرائيل وهو الآن في ورطة حقيقة، فالولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي يعتبران حماس منظمة إرهابية والشعب الفلسطيني إختار حماس وعليهم أن يضموا الآن الشعب الفلسطيني الذي إختار حماس إلى القائمة أيضاً، هذا الغرب النفعي لا يسعى إلا وراء مصالحه وهذه المصالح تتطلب التحالف مع الشيطان إسرائيل ومن هنا يجب علينا إدراك ذلك جيداً ، فهذا الغرب المتحضر الذي صدّع رؤسنا بضرورة دعم الديمقراطية في العالم العربي هو الآن يناقض نفسه وهو أمام الفوز الكاسح لحماس فبدلاً من إحترام إرادة الشعب الذي إختار تجدهم يهددون بقطع المعونات عن السلطة الفلسطينية، فلابد أن نكون حاسمين إزاء هذا التهديد وليذهبوا إلى الجحيم بمعوناتهم فهذه هي البداية لإستقلال القرار ولكن الغرب يتخبط كما أن هذه المساعدات هي حق للشعب الفلسطيني على الغرب الذي تسبب في وجود هذا النبت الشيطاني المسمى "إسرائيل" على حساب الشعب الفلسطيني.

في متابعتي لتغطية بعض وكالات الأنباء الغربية لنبأ فوز حماس استفزني ذلك الخوف غير المبرر من فوز حماس وهذا الخوف عبرت عنه عناوين عدة أحدها لوكالة رويترز للأنباء (الخميس 26 يناير الماضي) Hamas wins upset victory " حماس تحرز فوزاً مقلقاً"، إضافة إلى كثرة العزف على نغمة "عملية السلام" ومشاعر "عملية السلام" والعواطف الجيّاشة لعملية السلام، لدرجة أنني شعرت بالملل من قراءة وسماع هذه الكلمة "Peace Process "عملية السلام" والتي هي غير موجودة أصلاً على أرض الواقع منذ سنوات ،وبينما كنت أتأهب للرد على هذا التزييف والخداع المنظم تطوّع "توني كارون" الكاتب بمجلة "تايم" البريطانية (الجمعة 27 يناير الماضي) للرد نيابة عني وعن كل إنسان ارتفع ضغطه من هذا "الإستغباء" المتعمد من تلك الوكالات الموجهة فيقول الكاتب في مقاله " هؤلاء الذين يتخوفون من الفوز الساحق الذي حققته حماس وتأثيره المباشر على "عملية السلام" يغيب عنهم أنه لا توجد حالياً عملية سلام بين إسرائيل والفلسطينيين كما أنها لم تكن كذلك موجودة طوال الخمس سنوات الماضية، فإسرائيل تقول إنها لن تتفاوض مع "منظمة إرهابية مسلحة" تدعو إلى تدمير إسرائيل لكنها في الحقيقة لم تتفاوض أيضاً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل انتخابات الأربعاء الماضي، فلم تُعقد أية مفاوضات سياسية حقيقة بين الجانبين منذ يناير 2001 قبل وقت قليل من انتخاب شارون رئيساً للوزراء والذي وعد بالقضاء على اتفاقية أوسلو للسلام.. إن فوز حماس ما هو إلا أحد مؤشرات فشل عملية السلام.."

إكتمال العرس الديمقراطي الفلسطيني بنجاح مبهر ودون أي خروقات جعلني أشعر بالإعجاب أمام هذا الإنجاز الذي حققه الفلسطينيون الذين أثبتوا أنهم شعب متحضر حقاً، فقد تابعنا مناظرات قبل الإنتخابات ثم عملية إنتخابية نزيهة وشاهدنا فرز الأصوات على الهواء مباشرة وفي نفس الوقت لم تكن هناك أية شكوى بخصوص نزاهة العملية الانتخابية، يحدث كل هذا في بلد ما يزال تحت الاحتلال بينما في بلدان عربية أخرى تنادي ليل نهار بالديمقراطية وتدعي أنها تتبنى "فكر جديد" نشاهد الغزوات الإنتخابية بالأسلحة البيضاء وغيرها وتزوير فاضح ومئات الطعون في النتائج، وهذا هو الفرق بين الكلام والفعل فالكلام ليس عليه ضرائب فقد تجد من يُدمن الدندنة بكلمات من عينة "نزيهة" وأختها "شفافية" لكن الواقع على الأرض يُكذّب ذلك التزييف الفاضح للأمور عبر تعبير براق ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، وأتفق مع الكاتب المصري سلامة أحمد سلامة في قوله " "وحق للفلسطينيين أن يضربوا بذلك المثل لشعوب عربية ــ مثلنا ــ عجزت عن ممارسة حقها في انتخابات نزيهة‏.‏" (الأهرام 29 يناير الماضي)،ونتساءل:هل رأى القوم وتابعوا ذلك النموذج الفلسطيني الرائع أم ينطبق عليهم قول ربنا"...
لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" الأعراف 179