(2) العمـل هو الحـل
الغريب في الأمر حقاً هو أن الدنمارك لا تعترف بالإسلام كدين! نعم هي تعترف فقط بالمسيحية واليهودية والسيخ (تقرير سمير عواد- الراية القطرية 3 فبراير الجاري)،كما أن الدنمارك لا يوجد بها مسجد بالمعنى المعروف، فقد نُشر في صحيفة "كوبنهاجن بوست" الدنماركية في الأول من فبراير الحالي تحت عنوان "المسلمون يستحقون مسجداً" تعليقاً لـ"هيربرت بوندك" وهو محرر سابق في صحيفة دنماركية يومية يقول فيه "إن بناء مسجد في كوبنهاجن قد يخفف التوتر بين الدنمارك والعالم الإسلامي"، وأضاف"إن بناء مسجد دائم للمسلمين الذين يبلغ عددهم 200 ألف يقيمون شعائرهم الدينية في 50 مسجد مؤقت منتشرة في أرجاء مملكة الدنمارك؛(مراسل الجزيرة قال إن أحدها كان مصنعاً للحليب) سيعتبر بمثابة غصن زيتون للمسلمين الغاضبين من نشر الرسومات المسيئة لنبيهم"، ولكن الأغرب أن نجد أن أهم دولة إسلامية وهي المملكة العربية السعودية تأتي على رأس المستوردين لمنتجات الدنمارك حيث بلغت واردات السعودية من الدنمارك ثلاثمائة وسبعون مليون دولار في عام 2004 (حمدي قنديل – الجمعة 10 فبراير الجاري) أليس هذا أمراً غريباً ؟
في مهرجان خطابي بمسجد عمر بن الخطاب بالدوحة (الجمعة 3 فبراير الجاري) لم يستطع أي من المشاركين في إلقاء كلماتهم لمدة ثلاث دقائق متواصلة بسبب الشعارات التي كانت تدوّي في أرجاء المسجد، قلت في نفسي يبدو أننا حكاماً ومحكومين لا نملك إلا الشعارات الحماسية التي لا طائل منها، وأنا أتابع باهتمام تلك الشعارات سألت نفسي يا ترى لو لم يكن هناك دولة اسمها إسرائيل أو لم يكن هناك يهوداً على وجه الأرض تُرى على أي شماعة كنا سنعلق إخفاقاتنا المتواصلة وفشلنا الذريع ؟ لو تلاحظون أن كل فشل يلحق بنا وكل إخفاق وهزيمة في أي مجال نُلحقه أو نعلّقه مباشرة دون تفكير في شماعة إسرائيل واليهود ..فإذا كانت إسرائيل تدبر لك وتخطط فأين أنت وأين دورك أليست هذه هي السلبية بعينها ؟ هل يُعقل أن أسلّم نفسي وأكشف أوراقي ثم ألقي اللوم على عدوي هذا وأقول إنه يتربص بي؟ ..إسرائيل هذه عدو ونحن نعلم ذلك جيداً لكن ماذا أعددنا لها وهل احتطنا من كيدها؟ هذا هو السؤال، لكن الآن اتسعت الدائرة فليست إسرائيل وحدها فالعالم كله يستهين بالمسلمين وكأنهم "الحيطة المايلة" في هذا العالم، لكن لماذا؟
سألت نفسي هذا السؤال الذي لا يحتاج إلى إجابة وأنا أطالع صحيفة «الجارديان» البريطانية (الاثنين 6 فبراير الجاري)،فقد كشفت "الجارديان" أن صحيفة «يلاندس بوستن» الدنماركية التي نشرت الرسوم المسيئة للرسول بحجة ممارسة حرية الراي والتعبير كانت رفضت قبل ثلاثة أعوام نشر رسم كاريكاتيري عن السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ، مع رفضنا كمسلمين الإساءة للأنبياء كافة لقول ربنا "لا نفرق بين أحد من رسله" البقرة 285، وأوضحت «الجارديان» أن «يلاندس بوستن» رفضت في إبريل 2003 رسومات من الرسام الدنماركي كريستوفر زيلر تتناول شخص السيد المسيح، بقولها: «لا نعتقد أن قراءنا سوف يستسيغون هذه الرسومات»، فيما نقل عن زيلر أنه يعتقد أن "يلاندس بوستن" قدرت أن مشاعر قرائها المسيحيين أرهف من مشاعر القراء المسلمين، أضف إلى ذلك ما نشرته الصحيفة الدنماركية "يولاندس بوستن" ( 8 فبراير الجاري ) على لسان رئيس تحريرها أنها لن تنشر الرسومات التي تنشر في إيران والتي تتناول المحرقة النازية.
أعتقد أن الإجابة على تساؤل "لماذا؟" قد اتضحت الآن، وهو باختصار لأننا ضعفاء، فمعظم الدول الإسلامية من الدول النامية أو ما يسمونه العالم الثالث..لكننا نمتلك وسائل القوة وفي نفس الوقت متكاسلين، إذن هذه دعوة للعمل كلٌ في مجاله، أن يجتهد جميعنا بهذه النية، نية نصرة الإسلام في موقعه: في شركته، في مصنعه،في مقر عمله، دعوة إلى الدارسين إلى الاجتهاد في دراستهم لكي يتحقق أمل الأمة المنشود في التقدم والرقي، دعوة إلى تربية النشيء على مباديء ديننا الحنيف، دعوة إلى الإهتمام بالعلم والعلماء في مختلف المجالات، دعوة إلى القراءة، نعم هل يعقل أن تكون أمة إقرأ لا تقرأ؟ فأول كلمة نزلت من القرآن الكريم دستور الأمة هي إقرأ في سورة اسمها يحمل نفس الكلمة، دعوة لنبذ الخلاف بيننا، الخلاف الذي أنهك قوانا وفرقها في المهاترات الجانبية الإعلامية التافهة والتفرغ للرد على هؤلاء الذي يتهجمون على عقائدنا، دعوة للالتزام بالأخلاق الإسلامية القويمة، دعوة إلى التصدي للفساد بكل أشكاله، الفساد الذي هو سبب تأخرنا عن اللحاق بركب الأمم، الفساد الذي "أغرقنا" في التخلف وأزهق أرواح الآلاف منا، دعوة لإحداث ثورة في طريقة حياتنا القائمة على التلقي السلبي من الغرب، دعوة إلى تبني منهج وأسلوب حياة إسلامي يعبر عن طموحات شعوبنا..نحن لا نعوّل كثيراً على حكوماتنا المتخاذلة كما وصفها دكتور يوسف القرضاوي (الجمعة 3 فبراير) ولكن التعويل كله على الجماهير العربية والإسلامية ولندع الحكام وهمومهم الكثيرة فما يشغلهم يرونه أهم من شعوبهم، فلنبدأ نحن في العمل على إيقاظ هذه الأمة من غفوتها التي طالت
No comments:
Post a Comment