(1) العمل هو الحل
بعون الله أستطيع أن ألقي عليكم خطبة حماسية تؤجج مشاعركم وتشعل حميتكم وتلهب حماسكم، لكني علي يقين أن هذه العاطفة الجياشة المتوقعة ما تلبث أن تنطفيء جذوتها بمجرد أن تُقلب الصفحة المنشور فيها هذا الكلام، ولهذا أدعو إلي وقفة مع النفس في هذه الظروف العصيبة وأن نبتعد قليلاً عن الكلام الحماسي الذي لا يقدم ولا يؤخر، لقد سالت من الحبر أنهاراً واستهلك من الورق أطناناً في الحديث عن هذا الموضوع الذي أثار حفيظتنا نحن المسلمين في أعز رمز إلينا وهو نبي الرحمة، لكن دعونا نتساءل هل الشجب والاستنكار والإدانة والمسيرات الغاضبة علي ما حدث هو الرد المناسب لقد كنا في الماضي الذي ولي نتندر علي حكامنا بأنهم لا يملكون إلا الشجب والإدانة والاستنكار، ثم أصبحنا الآن نترحم علي هذه الأيام الخوالي، فولاة الأمر منا بقدرة قادر تم فطامهم عن هذه الكلمات فلم يعودوا يشجبون ولا ينددون ولا يستنكرون أي عمل يسيء إلي العرب والمسلمين بل أصبحوا يتحسسون رضا سيد البيت الأبيض الأمريكي ويحتاطون بشدة في أي كلمة قد تخدش إسرائيل وهنا أخشي أن نكون قد جاء دورنا كشعوب للعب نفس الدور: الشجب والإدانة والاستنكار.
المسيرات السلمية هي وسيلة جيدة ومؤثرة للتعبير عن الرأي ويتم عبرها إيصال رسالة إلي الآخر بأسلوب حضاري لكن أن يتطور الأمر إلي مهاجمة السفارات والقنصليات ودور العبادة فهذا هو التخلف بعينه، فلو فكر هؤلاء الذين يدعون الغضب لأجل نبيهم لحظة واحدة وعلموا أن الصور المسيئة للرسول تصوره كذباً وزيفاً بالإرهاب والتطرف، ثم يتصرفون هم بهذه الطريقة الهمجية لأيقنوا أن الذين أساءوا للنبي سوف تترسخ عندهم تلك الصورة المزيفة عن الإسلام ونبيه نتيجة لتصرفاتهم الخرقاء، فهؤلاء يعتقدون أنهم ينتصرون للإسلام ونبيه ولكنهم في الحقيقة يسيئون إليه من حيث لا يدرون، ونتساءل هل هذه هي الطريقة المثلي للدفاع عن الإسلام؟!
هذا الانفعال الوقتي الذي ينتج عنه أخطاء لا حصر لها تجسد في رسالة قصيرة وصلتني علي هاتفي الجوال- وأعتقد أنها وصلت للكثيرين منكم- تتحدث الرسالة التي كتبها مسلم منفعل لم يفكر ولم يتأكد من الخبر موضوع الرسالة ولكن الأهم بالنسبة لي أنه بانفعاله هذا وتسرعه لم يتأكد من صحة الآية التي أوردها في رسالته سورة الحجر آية 9 إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، فقد ورد فيها أربعة أخطاء في آية واحدة وندعي أننا ندافع عن الإسلام ونحن لا نعرف كيف نحترم كلام الله.
مقاطعة بضائع تلك الدول هو سلاح فعال ومؤثر لأنها دول قائمة علي المادة وأكثر ما يلهب ظهرها هو سياط الخسارة الاقتصادية، ومع تسابق صحف أوروبية عدة في نشر الرسوم بدأ يطفو علي السطح تساؤل غريب طرحه العديد من الكتاب من بينهم الأستاذة بشري ناصر (الراية 2 فبراير الجاري) عندما تساءلت هل نقاطع كل هذه الدول نقول نعم نقاطعها جميعاً فحفظاً لكرامتنا التي أهينت حتي لو اضطررنا إلي مقاطعة العالم كله، ولكن هذا الأمر يحتاج إلي الاستمرار ولا ينبغي أبداً أن يفتر مثلما حدث من قبل مع حملة مقاطعة البضائع الأمريكية والبريطانية والتي تلاشت مع مرور الوقت، ولكن أيضاً ينبغي تطوير فكرة المقاطعة لتصل إلي دعم المنتجات الإسلامية والعربية وهذه هي الخطوة العملية الأولي.
No comments:
Post a Comment