سعد الغامدي وعمرو دياب
أشعر بعد الإرتياح لأني جمعت في عنواني السابق ما لا يجتمعا ولكن عذري مقصدي من هذا الجمع وهو أني أريد أن أضع بين أيديكم تجربة شخصية مع كليهما بدأت مع الثاني وإنتهت والحمد لله مع الأول، فكلاهما يشتركان في شيء ما وهي نعمة أنعم الله بها عليهما وهذا الشيء ربما يكون الوحيد الذي يجمع بينهما وهي نعمة جمال الصوت وعذوبته ولكن شتان الفرق بينهما في توظيف تلك النعمة وإستخدامها في السعي لنيل دعوات العباد ورضا رب العباد.
للأسف الشديد لا أعتقد أن هناك من بين قراء هذه السطور من لا يعرف من هو "عمرو دياب" في حين أنني يقين أن الكثيرين لا يعلمون من هو "سعد الغامدي"، ولهؤلاء أقول إنه إنسان مسلم منحه الله عذوبة الصوت وجماله فعلم كيف يؤدي شكر هذه النعمة فراح يحمد الله عليها فتوجه بذلك الصوت الملائكي إلى تلاوة كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بورع وتقوى وخشوع حتى تشعر معه أنه صوت يؤثر فيك، صوت يفتح أمامك آفاقاً روحانية لا حدود لها تقودك إلى تدبر معاني هذا القرآن العظيم.
وعندما أتحدث عن "عمرو دياب" أدرك جيداً وأجزم أنني على دراية كبيرة بإمكانات صوته، ففي الماضي عندما كنت أتخبط في الظلمات لاهثاً وراء هذا المعني أو ذاك وخاصة هذا الذي أتحدث عنه كنت مولعاً بما يردده هذا المغني الراقص لدرجة أنني كنت بمجرد سماع ثوان معدودة من مقدمة موسيقى أي أغنية له كنت أستطيع وقتها أن أقول لك إسم الأغنية وكلماتها كاملة وفي أي ألبوم جاءت، وكنت وقتها أتوهم أنني أتلذذ وأستمتع بهذا الصوت وذاك الغناء الذي يردده هذا المغني كالببغاء، إلى أن أنعم الله عليّ بإدراك حقيقة هامة وهي أن الله قد وهب لكل إنسان قلب واحد ومن المستحيل لهذا القلب أن يطرب ويستمتع بهذا الهراء الذي يطلقون عليه طرباً وفي نفس الوقت يكون في هذا القلب مكاناً لكلام الله المنزل من السماء ،وأيقنت أن من يخشع قلبه وتتأثر مشاعره من جراء الإستماع لهذا المغني أو تلك المغنية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخشع أو يرتجف أو يلين لسماع كلام الله وما نزل من الحق لأنهما لا يجتمعان في مكان واحد، فكلام الله أعلى وأسمى وأرفع وأرقى من أن تجده في قلب إنسان لاهث مردد ومتلذذ بهراء يؤديه هذا المغني أو ذاك.
ولن أدخل في جدل حول رأي ديننا الحنيف في مسألة الغناء لقناعتي أنني غير مؤهل لذلك، ولكنني أود أن أسألك ببساطة وأستحلفك بالله أن تسأل نفسك ولو للحظة واحدة :هل من الممكن أن يُحل الرحمن الذي أنزل القرآن هذا الكلام الذي يطلقون عليه غناء هذه الأيام؟ فالسواد الأعظم مما نسمعه هذه الأيام والذي يطلقون عليه طرب ينحصر في موضوع واحد متكرر : فهو يحبها ولا ينساها وقد حاول ولكنه وفشل ونظرت إليه ونظر هو إليها..إلخ ثم نجدها هي تردد نفس الكلام تقريباً إلى أخر تلك التفاهات التي أعترف أنني كنت يوماً أحد المرددين لها بحرارة .
وتكمن الخطورة في أن إنتشار تلك الأغنيات بين الشباب أنها تكرس سلوكيات وأفعال وتوجهات سلبية تجد طريقها بسرعة لكي تترسخ في شخصية الشاب أو الفتاة وتساهم بقدر أو بآخر في إثراء التفكير السلبي والسعي إلى الإرتباط اللاأخلاقي ولو حتى في خيال الشاب أو الفتاة.
لكن على الجانب الآخر المضيء بنور الله وكلامه تجد أن القرآن كله خير ورحمة وهو شفاء لما في الصدور والقلوب مما قد يعلق بها من همزات الشيطان وهوى النفس الذي أجده أخطر من الشيطان لأن الشيطان ضعيف بمجرد أن تقرأ عليه آية من كتاب الله يكفيك الله شره، ولكن النفس هي عدو داخلي وقد قيل من إتبع الهوى غوى، والإستسلام لهذا المغني أو تلك المغنية ما هو إلا إتباع لهوى النفس الذي من إتبعه ضل، فكن على يقين أن القرآن والغناء لا يجتمعان، ولكي تستمتع بكلام ربك وتشعر بحلاوته لابد أن تقلع عن الإستماع للغناء، وسوف تجد أن الله قد ملأ قلبك بنور كلامه الذي سوف تجد فيه الطمأنينة والسكينة والراحة وصفاء النفس والذهن وعندها سوف تجد نفسك تلقائياً ترفض قبول سماع ذاك المغني الراقص أو تلك المغنية المائلة المتمائلة.
أتحدث إليك من واقع تجربة شخصية دامت سنوات طويلة في ظلمات التيه والوهم وراء صوت هذا المغني الراقص أو تلك المغنية، إلى أن شاء ربي وأذاقني حلاوة الإنصات إلى كلامه المنزل من السماء بصوت العديد من شيوخنا الأجلاء وعلى رأسهم صاحب الصوت الملائكي سعد الغامدي فوجدته صوت مختلف صوت يخترق جدران قلبي المتحجر وإنتقلت بفضل الله وعونه من الهيام واللهث وراء ما يردده عمرو دياب وغيره إلى الإستمتاع بكلام ربي أسمعه بصوت عذب رقراق جزى الله صاحبه كل الخير عني وعن جميع المسلمين خير الجزاء.
وأؤكد لك أنه مهما كان تعلقك بأي مطرب فلن تكون مثلما كنت أنا في تعلقي بالكثير من المطربين الراقصين وعلى رأسهم عمرو دياب، وليس هناك في رأيي أدنى صعوبة في الأمر فقط إمتلك الإرادة والإيمان والرغبة في الرجوع إلى النبع الصافي الذي لم ولن تشوبه أي شائبة، نبع الكتاب المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وإذا رأى الله منك الإصرار والعزم على تنقية قلبك من الشوائب والتفاهات لكي تهيء هذا القلب وتجهزه لساكن واحد ولا شيء غيره وهو دستورنا المنزل من السماء فسوف تجد المدد من الله لكي تستمر وتثبت على قناعتك مهما حاول معك شياطين الإنس وهوى النفس، وإبدأ من الآن وتوقف نهائياً عن الإستماع إلى ذاك الهراء وسوف تنتقل بإذن الله من حزب "عمرو دياب" وغيره من المطربين الراقصين إلى حزب الله الذين إذا قرأ القرآن يستمعون إليه ويتدبرون معانيه ويعملون به، وفي النهاية أردد معكم قول ربي عز وجل "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق" الحديد 16
No comments:
Post a Comment