Wednesday, January 04, 2006


أيمن نـور وثُلاثي "الأحـرار"

وصفت افتتاحية صحيفة نيويورك تايمز( 29 ديسمبر الماضي) الاتهامات الموجهة لأيمن نور بأنها "سخيفة ومضحكة"، وأضيف أنها أيضاً تنمّ عن غباء من قام بنسجها وتدل على تفرده بخيال روتيني مستوطن كما تشير بوضوح أنه يفترض الغباء في الجميع وهذه بالفعل حالة الغبي فهو يفترض دائماً أنه النابه الوحيد وأن ما عداه من خلق الله لديهم قصور في الفهم.

وببساطة شديدة ووضوح أكثر أقول إنني أفضل البدء من انتخابات مجلس الشعب التي بدأت معها أهم خطوات تصفية نور سياسياً فقد حملت لنا النتيجة الرسمية المعلنة للمرحلة الأولى أن السيد نور قد خسر مقعده في دائرة باب الشعرية أمام منافسة يحيى وهدان الضابط السابق في جهاز أمن الدولة والذي حصل على 5556 صوت ! فهل يعقل أن يفشل نور في الحصول على بضعة آلاف من الأصوات وهو الذي ظل نائباً لدائرته عشر سنوات ورأينا حجم المشاركة في مؤتمراته الشعبية وحب الناس له وإصراره على الذهاب إلى دائرته كأول مكان يذهب إليه عقب خروجه من حبسه بكفالة، ورأينا كيف استقبله الناس استقبال الفاتحين، هل يصدق عاقل أن نور الذي خاض انتخابات الرئاسة وكان المرشح الوحيد الجاد ضد الرئيس الحالي وحصل على نسبة 7 في المائة من الأصوات بما يزيد عن نصف مليون صوت هل نصدق أنه لم يستطع الحصول على بضعة آلاف من الأصوات في انتخابات دائرته ووسط ناخبيها الذين خبروه وأحبوه وتشرفوا به وبروح التحدي والصراحة والوضوح والنقد دون مواربة أو حسابات، ونصل إلى موضوعنا ونتساءل هل من المعقول أن نصدق من يدّعي أن نور لم يستطع الحصول على الخمسين توكيل المطلوبة لاستيفاء أوراق الحزب؟ وهل ضاق به الحال إلى أن يزور توكيل والده وزوجته؟ لا شك أنه من السخف تصديق ذلك.

لكن من المؤسف حقاً أن نشاهد من يستغل هذه المواقف لتصفية حسابات حقيقية أو وهمية بينه وبين نور، ففي تلك المواقف الإنسانية التي يمر أصحابها بمحن وأزمات خاصة أما نظام توحش في التنكيل بالأفراد، فمن حسن الخلق التحلّي بشيء من الكياسة فيتناسى الواحد منا خلافاته وربما أحقاده حتى يخرج الرجل من محنته وبعدها يعود كل منا إلى موقعه، لا أن ينتهز نفر منا هذه الفرصة ويأكل في لحم الرجل وهو في وضع لا يستطيع الرد لأنه قابع في زنزانته يعاني برودة الجو والناس.

السيد أحمد عبد الهادي صاحب ورئيس تحرير جريدة شباب مصر الإليكترونية والصحفي بجريدة "الأحرار" المصرية وصف حصول نور على رخصة إنشاء حزب الغد آنذاك بأنها " صفقة قذرة" وتحدث حينها عن صفقة بين نور والحكومة تم على أساسها منح نور تصريح قيام حزب الغد !

ولا أدري ماذا يقول السيد عبد الهادي الآن بعد حكم محكمة الاستئناف على نور بالسجن المشدد خمس سنوات ؟ هل هذه تمثيلية قذرة أيضاً؟ فالرجل لم يترك مناسبة إلا وشن هجومه وسخّر جريدته الإليكترونية للنيل من نور خاصة وهو في الحبس في المرة الأولى ثم فاجأنا بإعلان تأييده على الملأ للرئيس مبارك في انتخابات الرئاسة فقط نكاية في أيمن نور!

النموذجان الأخريان - سبق لهما أيضاً العمل في جريدة الأحرار المصرية - صمتا طويلاً عندما دخل أيمن نور إضراباً عن الطعام في محبسه استمر لمدة 18 يوماً ولم يكتب أحد منهما كلمة واحدة عن معاناة الرجل إلى أن صدر حكم المحكمة فتباريا في سطر كلمات تنضح شماتة وتشفّي في نازلة أصابت الفتى الذي كان مليء السمع والبصر، فقد رأيت الأول في غرابة يكتب منتشياً في 27ديسمبر الماضي "...هذا كلام أيمن نور نفسه وزوجته ومحاسبيه وأنصاره. لكن القضية جنائية في الأساس" ثم عاد بعد يومين ليقول لنا في نهاية عموده اليومي " ...الواضح ان النظام أخفق تماماً في معالجة هذا الموضوع حتي التصقت به شبهة الانتقام من هذا المعارض فكأن هذا النظام هو المدان وكأن نور هو البريء!!." هكذا وبكل سهولة ويسر توصّل صاحبنا إلى هذه النتيجة المذهلة ! وكأنه يرى مالا نراه، ولكنه لم يقل لنا حيثيات الحكم الذي أصدره على زميل له في المهنة، وليته يفيدنا هل هي مصادفة أن يصدر الحكم نفس القاضي الذي حكم على الدكتور سعد الدين إبراهيم قبل خمس سنوات؟ ، أما الثاني الذي أدعو له بالشفاء من أمراض القلب والبدن فقد أعاد في 28 ديسمبر الماضي سرد تاريخ مشوّه عن الرجل وكيف أنه – أيمن نور- كان أداة في أيدي أحد أهم أركان النظام في البرلمان! ولو فرضنا جدلاً أن هذا الأمر موضع شك -مع يقيني أنه غير صحيح بالمرة- فهل هذا هو الوقت المناسب لهذا الكلام؟ أليس هذا زميلاً لك وهو الآن في محنة ويتوجب الوقوف بجانبه في أزمته؟ أليس من الواجب نسيان الخلافات وربما الأحقاد في مثل هذه المواقف الإنسانية المؤلمة خاصة عندما يكون الضحية زميلاً لك ؟

ربما يتعلق الأمر في رأيي بنظرة ما -يعلم الله ما فيها- إلى أحد أبناء نفس الجيل دخل بقوة إلى عالم الصحافة وما لبث أن لمع نجمه في الوسط الصحفي عندما ساهم في خروج الأعداد الأولى من جريدة الوفد عام 1984 فناله ما ناله من مشاعر سلبية اختزنها له زملاءه في المهنة، ثم انتقل الرجل إلى معترك السياسة وسريعاً حلّق في سماء السياسة وزملاءه السابقين ما زالوا يتابعونه بأعينهم وما بداخلهم من مخزون لم يجدوا الفرصة لتفريغه نظراً لنجاحات الرجل على مدى عشر سنوات في البرلمان بداية من تميزه كأصغر نائب في البرلمان عام 1995 ثم حصوله على جائزة أفضل أداء برلماني لدول شرق البحر الأبيض المتوسط 1999، إلى أن جاءتهم الفرصة لاجترار ما بداخلهم تجاهه عندما نفد صبر أهل العقد والحل على السياسي الشاب وطموحه الشرعي وتجاوزه خطوطاً يرونها حمراء فدبروا له المكائد والحيل إلى أن أوقعوا به، واليوم نراه وحيداً يعاني ظلم الفريقين زملاءه وجلاديه.


No comments: