Tuesday, January 31, 2006

إرتفاع الإيجارات وفن استغلال المساحات

أعلم جيداً أن القهر الذي يتعرض له أمثالي من الذين فاتهم قطار الزواج لا يكاد يُذكر أمام معاناة السادة الذي ساقهم حظهم أن يكونوا من بين المتزوجين في الأرض، ففي كل مرة يُصدر المسؤول عن العقار الذي أسكن فيه فرماناً جديداً آخر بزيادة الإيجار أتذكر الإخوة المتزوجين وأدعو لهم بالستر والصبر، وأتصور مدى معاناتهم وتألمهم وهم بين خيارين أحلاهما مر، أولهما العودة إلى مسقط الرأس وهذا معناه إنقطاع سبب من أهم أسباب الرزق بالنسبة لهم ومن الممكن أن يكون الوحيد ثم مواجهة المجهول وندرة فرص العمل في بلدانهم الأصلية، وبين خيار آخر أكثر مرارة وهو إرسال الأسرة إلى البلد الأصلي على أن يبقى العائل هنا ويتحول إلى أب في شكل "حوالة" لا تربطه بأسرته وأولاده إلا ذلك "الشيك" الذي يرسله أول كل شهر، ويبقى هنا وحيداً ويصبح وكأنه لم يتزوج ويحصل على صفة "متزوج أعزب"، علاوة على تشتيت شمل الأسرة وتمزيق أواصرها خاصة إذا كان من بين أبنائه من هم في مراحل عمرية حرجة يتوجب على الأب التواجد معهم لكي يحسن من توجيههم وتربيتهم حيث من المعلوم أن حزم الأب مطلوب في أمور كثيرة.

مهما قلت فلن أجسد المشكلة أفضل مما تحدث عنها الكثير من الزملاء على صفحات الجرائد وقد قرأت كثيراً كتابات تتناول هذه المشكلة وأبعادها ولكنني أستغرب في هذه الايام ذلك الصمت الرهيب من كل هذه الأقلام، هل أصابهم اليأس بعد أن إستغاثوا ولم يجدوا صدى لنداءاتهم الكثيرة، لكن رغم كثرة ما كُتب في هذا الموضوع إلا أنني لم اصادف من تحدث عن أمر أو ظاهرة غريبة مرتبطة بنفس المشكلة وهي ما أسميه "فن استغلال المساحات"، وهي تفنن القائم على العقار في إستغلال كل مساحة ممكنة في البيت أو الفيلا أو البناية ولو على حساب التضييق على سكان العقار وعلى سلامة البناية وذلك من أجل إستغلال تلك المساحات في بناء غرف أخرى يقوم بتأجيرها ليضمن تدفق مصدر ثابت إلى جيب سعادته، ومن أجل ذلك يقوم بإستغلال كل مساحة هي أصلاً في تصميم المكان لزوم للتهوية أو خلافه حتى يبني غرفة أو إثنتين ليضمن إيجاراً شهرياً يتدفق في جيبه الذي ينادي دائماً: هل من مزيد؟

العقار الذي أسكن فيه إستأجره شخص آخر من المالك وهذا المستأجر وهو مقيم من دولة غير عربية يقوم بدوره بتأجير المكان لآخرين، ولكنه للأسف يستغل ظروف إرتفاع الإيجارات ويزيد الإيجار بجشع لا يوصف، وأعتقد أنه يتصرف دون علم مالك العقار، فقد إستأجرت المكان الذي أسكن فيه في يونيو الماضي وبعد شهر فقط قام بإصدار الفرمان الأول برفع الإيجار بنسبة 66 في المائة، وبالطبع وافقت ووافق غيري على هذه الزيادة لأنه ببساطة ليس لدينا من خيار آخر فنحن مغلوب على أمرنا، فالانتقال من مكان إلى آخر ليس بالأمر الهين كما أنه يؤثر على الأداء في العمل، والمثل يقول "المضطر يركب الصعب" وهذا هو الصعب الذي يتحدث عنه المثل ثم عاد الحاكم بأمره مستأجر العقار بعد خمسة أشهر وأصدر فرماناً جديداً برفع الإيجار مرة أخرى بنسبة 70 في المائة يعني في ستة أشهر إرتفع الإيجار بنسبة 183 في المائة، بالذمة ده كلام ؟ وفي أي عُرف هذا وفي إطار أي قانون يحدث هذا الإستغلال؟ هل يُترك المستأجرون الغلابة من أصحاب الدخول الضعيفة هكذا يواجهون جشع وطمع أمثال هؤلاء الذي لا يقنعون؟


صاحبنا الحاكم بأمره مستأجر العقاء فاجأنا في أجازة العيد بكميات من الرمل والإسمنت ومواد البناء الأخرى في مدخل العقار وشرع في بناء مزيد من الغرف لكي يستغل مساحات بالعقار مخصصة أصلاً للتهوية وضمن تصميم المكان، فضلاً عن أن علميات البناء الإضافية التي يقوم بها سوف تؤثر بكل تأكيد على سلامة العقار وتعرض حياة الكثيرين للخطر، وكل ذلك من أجل أن يضمن دخلاً شهرياً يُضاف إلى ما "يلهفه" أول كل شهر.

الأنكى من ذلك إنه قد إستأجر هذا العقار أصلاً لموظفين في شركته وبشطارته وفهلوته (من الفهلوة) يقوم بتجميع قيمة الإيجار الذي يسدده للمالك وأكثر علاوة على أنه لا يدفع شيئاً مقابل إقامة موظفيه في العقار بمعنى أنه يستغل العقار تجارياً، فهو من ناحية يوفر ما كان سيدفعه مقابل سكن موظفيه إذا استأجر لهم سكن في مكان آخر ومن ناحية أخرى يستحوذ على مبلغ إضافي من المال يجمعه من رفع قيمة الإيجار على الغلابة الذين ساقهم حظهم العاثر أن يسأجروا منه، ألم أقل لكم إنها "فهلوة" وشطارة من أخينا المقيم ؟

No comments: