! نشـرة جويـة نفسيـة
في صباح يوم الخميس قبل الماضي إستيقظ من نومه ونظر إلى السماء وقد غطت صفحتها سحب كثيفة تحجب خلفها أشعة الشمس مع نسمة هواء تحمل برودة خفيفة تكتنف هذا الجو الرائع، فقفز إلى ذهنه على الفور مدى إرتباط هذا الجو بالذات بذكرى ما أو قل بحلقة من تلك السلسة التي لا تنتهي من الذكريات والتي لا حيلة له معها، فقد كان صاحبنا في الماضي يعشق هذا الجو الذي كان دائماً يراه مُفعماً بالعواطف والمشاعر الفياضة، ولطالما تمنى أن يكون العام كله هكذا.
ولا أدري لماذا ارتبط عنده هذا الجو بالذات بالإفراط السخي في مشاعره تجاه مَنْ كان يشاطرهم أنبل وأسمى وأرقى وأعلى وأنقى المشاعر الإنسانية، فكان بمجرد أن يستيقظ من نومه في السادسة والنصف صباحاً لكي يستعد لبدء يوم جديد يستهله بالذهاب إلى عمله بالمدرسة القريبة من منزله؛ ويجد يومه وقد كساه هذا الجو الرائع بثوبه الأنيق، كان يشعر بقدر هائل من الصفاء والتسامح خاصة تجاه هؤلاء، وحتى إن كان الجو بينهما في ذلك الوقت مُلبّداً بالغيوم أو يشوب علاقتهما بعض الخلافات البسيطة والتي كان يسعى كلاهما أن تكبر لأنها كانت بمثابة نكهة خاصة تعطي للتواصل بينهما معنىً آخر؛ فكان على الفور يسارع بالسؤال عنهم وتصفية ما بينهما من خلاف بسيط، وحينها كان ينتابه شعور لا يمكن وصفه، شعور بالرضا التام عن كل شيء حوله، شعور يُضفي على الأشياء من حوله سحراً خاصاً، لدرجة أنه كلما نظر إلى إنسان أو شيء شعر وكأنه يبتسم له، فالأشجار والنخيل وصفحات الماء كانت تبدو له في صورة جميلة رائعة غير معتادة...حتى مفتش الأقسام بالإدارة التعليمية التابع لها والذي كان دائماً لا يطيق لقاءه لكونه روتيناً يمشي على الأرض كان يراه حينها إنساناً لطيفاً خفيف الظل مع إن الواقع غير ذلك تماماً.
هل هناك من صلة ما بين حالة الجو وحالة الإنسان النفسية؟ وهل ما كان يمر به صاحبنا هي حالة نفسية عابرة؟ ربما ولكنها صادقة وذات مذاق لا يمكن وصفه كما أنها يصعب أن تتكرر لندرة وربما لانعدام وجود ذلك النموذج الفريد الذي صادفه في مصادفة كانت هي الأجمل على الإطلاق، ولكن الآن ما قيمة جمال الأشياء والأوقات إذا غُيّب عنّا من تمنينا أن يشاركنا حلو اللحظات ومرها؟
No comments:
Post a Comment